ألقت رزان زعيتر، رئيس مجلس إدارة العربية لحماية الطبيعة، ورئيس الشبكة العربية للسيادة على الغذاء، كلمة في مؤتمر "متحدون في مواجهة صفقة القرن وخطة الضم"، بدعوة من الملتقى العربي (المؤتمر القومي العربي والمؤتمر القومي- الإسلامي والمؤتمر العام للأحزاب العربية ومؤسسة القدس الدولية واللقاء اليساري العربي والجبهة العربية التقدمية (12 تموز\ يوليو 2020))، للبحث في التداعيات والآثار السلبية لجريمة القرن وخطة الضم، على مستقبل فلسطين أرضاً وشعباً ومقدسات، وتهديداتها لدول وشعوب المنطقة.
وأوصت زعيتر خلال المؤتمر الذي عقد بمشاركة 102 شخصية عربية عبر برنامج "زووم" بضرورة تجاوز ردود الفعل ووضع خطوات استراتيجية قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى من شأنها السعي إلى تحرير فلسطين من النهر إلى البحر، وأضافت "جميعنا يعلم أن ضم الأراضي أو قضمها أو استيطانها عملية استعمارية متواصلة ممنهجة منذ أزيد من 100 عام".
وشددت زعيتر على أهمية الإسراع في تثبيت الوحدة والمبادرة للعمل المشترك على مستوى محلي وإقليمي ودولي ضمن استراتيجية واضحة المعالم، وضرورة القيام بمبادرات عملية مستعجلة في منطقة الأغوار لدعم السكان وتثبيتهم وفرض أمر واقع قبل فوات الأوان، لافتة إلى جهد المنظمة العربية لحماية الطبيعة في إطار ما وصفته بـ "المقاومة الخضراء"، حيث زرعت المنظمة نحو مليونين ونصف المليون شجرة مثمرة في عموم فلسطين، عادت على عشرات آلاف العائلات الزراعية بالخير، الأمر الذي مكنهم من الحفاظ على أراضيهم المهددة على الدوام بالسرقة والمصادرة من قبل الاحتلال.
وتالياً كلمة المهندسة رزان زعيتر في الملتقى:-
بسم الله الرحمن الرحيم
تحية طيبة للجميع، نشكركم على هذه الفرصة وعلى كلماتكم المؤثرة والشكر موصول للمنظمين ومن كان سبباً في اجتماعنا هذا..
نحن نعتقد أننا سنحقق ما نريد إذا استطعنا تحديد أهدافنا بشكل واضح، ما هي أهدافنا؟، هل الإعداد والاستعداد لبلورة شكل من أشكال ردود الفعل على مخطط الضم؟، أم وضع خطوات استراتيجية قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى، من شأنها السعي إلى تحرير أراضينا -كامل أراضينا- من النهر إلى البحر؟، جميعنا يعلم أن ضم الأراضي أو قضمها أو استيطانها أو سمها ما شئت من أشكال الغطرسة والجرائم والانتهاكات الاسرائيلية لأراضينا، جميعنا يعلم أنها عملية استعمارية متواصلة ممنهجة منذ أزيد من 100 عام، في الوقت الحالي هناك خمسون ألف دونم فقط يستفيد منها الفلسطينيون من أصل ٧٢٠ ألف دونم مساحة الأغوار، ونحو ٧٢ ألف دونماً سرقت وأقيمت عليها مستوطنات، وحوالي ٤٠٠ ألف دونم تسيطر عليها القوات الإسرائيلية بذرائع عسكرية، كما أنه لن يقتصر الأمر عند "ضم الأغوار"، فحتماً سيتعداه بالاستيلاء على أراض أخرى ضمن المشاريع الصهيونية التوسعية لتشمل كافة مناطق ج والتي تشكل نسبتها ٦٠٪ من أراضي الضفة الغربية، وهذا ما يستدعي الإسراع إلى تثبيت الوحدة والمبادرة للعمل المشترك على مستوى محلي وإقليمي ودولي ضمن استراتيجية واضحة المعالم تتجاوز ردود الفعل، أو الاطمئنان والشعور الواهم أمام كذبة تجميد المشاريع الاستيطانية.
إن من يقرأ المشروع الصهيوني، ومن يدعمه من قوى الامبريالية يجد أن الأنظار متجهة أيضاً إلى غور الأردن من الجانب الأردني، ولبنان وسوريا وربما بلاد أخرى أيضاً تحت التهديد، وكما قيل "أكلت يوم أكل الثور الأبيض"، من أجل ذلك لا خيار سوى العمل المشترك بكافة أشكاله ومستوياته، وهنا ندعو إلى تعاون بين الأردن وسوريا وفلسطين ولبنان على المستويين الشعبي والرسمي.
ونحن إذ نؤكد كما أكد الجميع على أن الوحدة الحقيقية هي السبيل الوحيد لإجراء تحول جذري في العمل من أجل القضية الفلسطينية وأن التاريخ لن يسامح أي طرف يتخاذل في ذلك، ينبغي علينا الإسراع في بناء قوتنا، والحديث عن بناء القوة يشمل الجوانب العسكرية والسياسية والاقتصادية والزراعية أيضاً، وهذا الذي يدفع الكيان الإسرائيلي المحتل إلى المحاولة الحثيثة للسيطرة على الأغوار (أخصب أرض زراعية في العالم) وسلة غذاء فلسطين، وتتمتع بقائمة من المزايا والكنوز البيئية والطبيعية النادرة.. ويسعى بذلك إلى خنق وتهجير ساكني الغور، وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أنه وفي عام ١٩٦٧ كان الأمن الغذائي يشكل ما نسبته ٩٠٪ في فلسطين، أما في عام ١٩٩٣ انخفضت النسبة إلى ٢٠٪، وأصبحت الغالبية العظمى تتلقى حاجاتها الغذائية من الكيان الإسرائيلي، أما الآن فهناك عجز يقدّر بنحو ٣٠٪ من انعدام الأمن غذائي حالياً، وإذا ما مرّ قرار ضم الأغوار ستتضاعف نسبة العجز في الأمن الغذائي لتصبح نحو ٦٠٪.
وحول هذه الفكرة، نقول، لا بدّ من القيام بمبادرات عملية مستعجلة في منطقة الأغوار لدعم السكان وتثبيتهم وفرض أمر واقع قبل فوات الأوان، ومن أجل تحقيق هذا الهدف وغيره من الأهداف المرحلية، ندعو إلى تشكيل شبكة تضامن عابرة للقارات، آملين أن يكون المشاركون في هذا الاجتماع حلقتها الاولى، والمبادرين في تأسيسها.
نؤكد على جل ما جاء من توصيات مهمة في هذا الاجتماع، ومنها مطالبة الحكومات العربية بالتوقف عن الانبطاح والهرولة تجاه التطبيع مع الاحتلال، ونطالب بقوة بالتحلل من اتفاقيات أوسلو ووادي عربة، وفي ختام كلمتي أود أن أشير إلى بيان هام صدر مؤخراً عن 47 خبيراً بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وجهوا خلاله رسالة للعالم تبين أن "قرار الضم" انتهاك خطير للأمم المتحدة، وأن الاحتلال مصدر لانتهاكات عميقة لحقوق الإنسان ضد الشعب الفلسطيني، وأهم ما جاء في بيانهم النداء بضرورة عدم الاكتفاء بالإدانة المجردة، كما حصل بعد ضم القدس الشرقية عام 1980، ومرتفعات الجولان عام 1981، فإذا رفع الخبراء الأجانب السقف من الإدانة إلى المطالبة بالتحرك العاجل، ماذا ننتظر نحن حتى نتحرك ونبلور استراتيجية تحرير متكاملة تستخدم كافة أشكال المقاومة المتاحة، نحن مثلاً أخذنا على عاتقنا واجب الكفاح في إطار المقاومة الخضراء، حيث زرعنا في المنظمة العربية لحماية الطبيعة نحو مليونين ونصف المليون شجرة مثمرة في عموم فلسطين، عادت على عشرات آلاف العائلات الزراعية بالخير، الأمر الذي مكنهم من الحفاظ على أراضيهم المهددة على الدوام بالسرقة والمصادرة من قبل الاحتلال.
وأختم بتحذير لطالما ردده والدي المناضل أكرم زعيتر رحمه الله في الثلاثينيات من القرن الماضي، حيث كان يقول "من رضي بالظلم استحقّه، ومن هانت عليه كرامته استأهل الإهانة، ولا جور إلا على من يقبل الجور.. فصداقة المغلوب للغالب رضاء بالخسف وإقرار بالهزيمة".