كانون الثاني/ يناير، شباط/ فبراير، آذار/ مارس 2024
في سياق التحضيرات للمؤتمر الوزاري الـ 37 لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة FAO، الذي تم عقده في الأردن خلال شهر آذار مارس، دُعيت العربية لحماية الطبيعة لحضور الاجتماعات التشاورية للمجتمع المدني كمتحدثة في جلسة الافتتاح في القاهرة 31 كانون الثاني/ يناير – 2 شباط/ فبراير 2024، واجتماعات كبار المستشارين في 5-8 شباط/ فبراير 2024.
وقد شهدت الجلسات نقاشاً عميقاً ومثمراً، وحواراً مع الأطر المختلفة التي جمعتها منظمة الـFAO، للخروج بتوصيات قابلة للتحقيق بالتعاون مع الأطر الرسمية في دول المنطقة وممثلي المجتمع المدني، وقد قدمت رئيسة العربية لحماية الطبيعة ومؤسِسة الشبكة العربية للسيادة على الغذاء، رزان زعيتر، كلمتها في الجلسة الافتتاحية للاجتماعات التشاورية في القاهرة، بحضور ممثلين عن 15 دولة عربية، تناولت فيها عدة قضايا والأكثر إلحاحاً منها الإيقاف الفوري لحرب الإبادة في غزة وتجريم استخدام الغذاء كسلاح، إضافة لأهمية السيادة على الغذاء والفرق بينها وبين الأمن الغذائي، وتطرقت إلى مجموعة من الشروط الاستراتيجية الكفيلة بتحقيق مفهوم السيادة على الغذاء وعلى رأسها التكامل العربي الزراعي والاقتصادي، والإيقاف الفوري لجميع الحروب البينية وتحقيق السلم الأهلي في المنطقة العربية لتأثيرها المباشر على ارتفاع نسب الجوع، ودعم أنظمة الغذاء المحلية وصغار المنتجين.
كما ألقت المديرة العامة للعربية لحماية الطبيعة، مريم الجعجع، كلمة في الجلسة الأولى من اليوم الثاني للاجتماعات، أكدت فيها على ضرورة الضغط بكافة الوسائل الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية لفتح المعابر وإيقاف الإبادة، والضغط أيضاً على الدول الداعمة للكيان الصهيوني للكف عن ازدواجية المعايير، واحترام التزاماتها التي تخص حماية الأمن الغذائي في ظل الحروب والاحتلال.
ولاحقاً في اجتماعات كبار المستشارين، نوهت زعيتر إلى أنه آن الأوان أن نسمي الأشياء بمسمياتها، لا سيما وأن مصطلح “الأزمات” الذي يتم استخدامه فضفاض؛ فما يحدث الآن في فلسطين مثلاً ليس نزاعاً أو أزمة، بل حرب إبادة كما أقرت الكثير من الدول، ومحكمة العدل الدولية وكافة شعوب العالم، وهو ليس تسييس، إذ أن استخدام الغذاء كسلاح هو التسييس بحد ذاته، وهذا يستحق أن يعطى الوقت الكافي للنقاش العلمي ضمن تخصص الـ FAO والمنظمات الدولية، كما أن هناك ضرورة لإشراك منظمات المجتمع المدني.
وفي الجلسة المخصصة لمناقشة الوضع في غزة، شددت العربية لحماية الطبيعة على توصيتها للدول العربية التي تمثلت في الاستخدام الجمعي لكافة الوسائل الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية واللوجستية لمواجهة ازدواجية المعايير الدولية والانهاء الفوري لحرب الإبادة على غزة وكسر الحصار، ودعم مكتب الـ FAO الإقليمي ليتمكن من التركيز على أولويات الإقليم، ودعم المجتمع المدني، وبناء قدراته ليكون شريكاً فاعلاً في كافة المراحل. إضافة لتفعيل الأعراف والقوانين الدولية الخاصة، كالملحق الأول لاتفاقية جنيف المادة 54 والمادة 14 التي تنص على حظر “تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب القتال. ولذلك يحظر مهاجمة الأشياء التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين أو تدميرها أو إزالتها أو إبطال استخدامها، لهذا الغرض، مثل المواد الغذائية والمناطق الزراعية لإنتاج المواد الغذائية والمحاصيل والماشية ومنشآت مياه الشرب وإمداداتها وأعمال الري”. بالإضافة لاتفاقية جنيف هناك اتفاقيات المعاملة بالمثل؛ فلا يجوز الموافقة على إيصال الغذاء “لإسرائيل” ومنعه عن قطاع غزة.
كما قدمت توصيات لمنظمة الـ FAO ضمن تخصصها بأن تكون البوصلة هي الإنهاء الفوري لحرب الإبادة وليس فقط تعزيز الصمود، ولجعل الصمود آلية أو وسيلة وليس الهدف. كما دعت لفتح غرفة عمليات مستمرة إن لم يكن هناك، لمتابعة ما يجري على أرض الواقع في قطاع غزة والسودان وأي بلد عربي يتعرض لتجويع ممنهج، وذلك لتوثيق جرائم الاحتلال التجويعية ليس فقط في غزة، بل بالضفة الغربية حيث تسبب الاحتلال الصهيوني أيضاً بخسارة القطاع الزراعي الفلسطيني أكثر من 22 مليون دولار في 53 يوماً (من 7 أكتوبر وحتى 1 ديسمبر 2023) في حرب على موسم قطاف الزيتون. وطلبت من المنظمة مشاركة المعلومات بشفافية حتى يتم استخدامها في الحملات الدولية لصالح غزة. والاستعانة بالأطر والنصوص الأممية التي قادتها الـ FAO وصادقت عليها كل دول العالم مثل الـ FFA واتفاقية حق الغذاء، لوضع استراتيجية لبرنامج عمل عاجل لمواجهة الموت جوعاً، ولوضع استراتيجية استباقية واضحة للتعويض وإعادة البناء في قطاع غزة. وأكدت على أنه إذا لم تتوفر الإرادة الجمعية الموحدة السياسية والسيادية لدولنا وللمنابر الأممية التي يعوّل عليها مثل الـ FAO، سيبقى كل ما يُقام به مجرد حبر على ورق والاجتماعات لن تحدث أي تغيير ملموس.
وتكللت هذه الاجتماعات المكثفة بتوصيات مهمة رفعتها منظمة الـ FAO للاجتماع الوزاري وتم الأخذ بمعظم التوصيات التي رفعتها العربية لحماية الطبيعة، التي تحفظت على استمرار استخدام مصطلح “أزمة” لتوصيف ما يجري في غزة بالبيان الختامي للاجتماعات، ولوحظ استثناء الوسائل الاقتصادية كأحد وسائل الضغط لمواجهة ازدواجية المعايير الغربية أيضاً.
وفي 4-5 آذار/ مارس 2024، دعيت زعيتر لحضور الاجتماع الوزاري الـ37 الذي تم عقده في عمّان.