دراسة عن الأرض العربية والصراع مع موئل الأمم المتحدة
الصورة
اركت الجمعية العربية لحماية الطبيعة كمتحدث في الاجتماع الذي عقدته المجموعة المرجعية لمبادرة الأراضي العربية،

العربية لحماية الطبيعة | عمّان - Zoom

13-14 تموز / يوليو 2022

شاركت الجمعية العربية لحماية الطبيعة كمتحدث في الاجتماع الذي عقدته المجموعة المرجعية لمبادرة الأراضي العربية، في بيت الأمم المتحدة الإسكوا في العاصمة اللبنانية بيروت، بتنظيم موئل الأمم المتحدة – UN Habitat. وجاء الاجتماع بحضور أعضاء وشركاء المبادرة العربية للأراضي، لمناقشة حالة إدارة الأراضي في المنطقة العربية؛ وتبادل نظرة عامة على العمل المنجز، إضافة لمناقشة وتعزيز الرؤية للمضي قدماً في مبادرة الأراضي العربية.

وحضر هذا الحدث حوالي 30 خبيراً في الأراضي من موئل الأمم المتحدة، والبنك الدولي، والاتحاد العربي للمساحين، ودائرة الأراضي في دبي، ودائرة الأراضي والمساحة الأردنية، ومديرية لبنان العقارية، ومعهد التدريب والدراسات الحضرية، واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، والمنطقة البحرية القريبة، والوكالة الألمانية للتعاون الدولي، ومنظمة الأغذية والزراعة، وكاداستر الهولندية، والرابطة الدولية للملاحة الفضائية، والتحالف الدولي للأراضي، وجامعة شرق لندن ، والعديد من الشركاء الوطنيين والإقليميين والدوليين الآخرين.

ومثلت مريم جعجع، العربية لحماية الطبيعة في الاجتماع وقدّمت عرضاً بينت فيه رؤية الجمعية لمسألة الأرض والصراع في المنطقة العربية، عبر استعراض دراسة هي الأولى من نوعها عن الأرض العربية أعدتها الجمعية مع الموئل، بينت فيها أسباب إجراء هذه الدراسة للربط بين الصراع والأرض، وتحديد الأسباب البنيوية للصراع بدلاً من التعاطي مع تجليات هذا الصراع، إضافة لتشكيل صور محلية حقيقية للصراعات بالاعتماد على المعرفة المباشرة من الخبراء والمجتمعات المحلية صاحبة العلاقة.

أما أهم ما يميز هذه الدراسة (اضغط هنا لمعرفة المزيد عن دراسة الأرض والصراع في المنطقة العربية)، تصنيفها، من خلال البحث في 12 دراسة حالة، للعلاقة بين الأراضي والصراع في المنطقة العربية إلى فئتين: الأولى قضايا الأراضي كسبب جذري للصراع، كما في الاستعمار على أنواعه، وتغيير العلاقات في حيازة الأراضي الزراعية بسبب الاضطرابات في عالم الرعاة والمزارعين المستقرين المرتبطة باختراق رأس المال، والتغيرات في قيمة الأرض التي فقدت تقييمها الإنتاجي وأصبحت قيمتها سلعية معزولة عن ناتجها أو طبيعة أصحابها، ما أدى لصراعات ناشئة عن تهميش وحرمان أصحاب الحيازات الصغيرة، إضافة لنزع ملكية الفقراء بسبب التوسع الحضري. يضاف لذلك الصراعات المرتبطة بعدم المساواة في توزيع الأراضي والاستثمارات المتعلقة بها.

وفي الفئة الثانية في العلاقة بين الأراضي والصراع، حيث تظهر آثار الصراع على الأرض، من خلال الأضرار التي لحقت بالقدرة الإنتاجية للأرض وسبل العيش المرتبطة بها، وفقدان حقوق السكن والملكية، ما أدى إلى ظهور أو عودة ظهور الصراعات المحلية الثانوية على الأرض بين السكان أو الأطراف الخارجية إلى جانب الصراع الأساسي.

 

وانتقدت المديرة العامة للعربية لحماية الطبيعة طريقة التشخيص والتحليل السائدة لمشاكل الأرض في المنطقة العربية، وذلك بسبب حاجز اللغة بين المجتمعات المحلية والهيئات الأجنبية التي تهيمن على المشهد، والتوظيف الخاطئ الناتج عن الخلط ما بين المعنى الاصطلاحي، وبين المعنى الحرفي، إضافة للمعلومات الضحلة عن المجتمعات، مما يؤدي إلى اجتراح آليات وحلول قائمة على مظهر المشكلة وتحليها الخاطئ لا جوهرها وبالتالي تعميق وتشابك الصراع بشكل أكبر ونقله لمربعات جديدة.

لم تقف الدراسة التي استعرضتها الجعجع عند التشخيص والتحليل، بل طرحت آليات لأخذ القرار والتحرك، حيث عكست دراسات الحالة عدداً من الأدوات والعمليات البناءة من قبل مختلف الجهات الفاعلة لحل النزاعات والتخفيف من آثار النزاع على الأرض. ووجدت العربية لحماية الطبيعة خلال إعداد الدراسة، أنه في العديد من المواقف يتم تبني أدوات حل غير مناسبة (غير منهجية، وبطيئة، وغير مستدامة، وفي بعض الأحيان تؤدي إلى تفاقم الصراع)، وغالباً ما تفتقر إلى العناصر الأساسية للعدالة الانتقالية. ولا تشرك العديد من حلول هذه الصراعات الجهات الفاعلة الوطنية، فالسلوك الأجنبي يسبب الصراع أو يعيق الحل مع غياب منصات المصالحة المحلية.  في الوقت ذاته تم إضعاف آليات التسوية التقليدية المحلية إلى جانب ترتيبات الحيازة العرفية السائدة في بعض الأماكن، والتي كانت حلولها ناجعة قبل استهدافها؛ أما ما بعد الاستعمار والتدخلات الخارجية لا يُنظر غالباً إلى الدولة أو الآليات التقليدية السابقة كحكم منصف من قبل جميع أطراف الصراع.

وفي نهاية العرض المكثف الذي قدمته العربية لحماية الطبيعة في الاجتماع، أوردت حزمة من التوصيات التي ركزت على الاستجابة للأسباب الجذرية للصراعات، متبوعة بالعوامل المساعدة والمشعلة لها، لا العكس، ومن أهم التوصيات التي طرحتها الجعجع تعزيز إدارة الأراضي بإصلاح السياسات والتشريعات والنظم التي تعترف بالأشكال التعددية للحيازة وإدارة الأراضي. إضافة لتعزيز المساواة في الوصول إلى الأراضي، وحماية سبل العيش الريفية والزراعية نحو السيادة الغذائية، واستحداث آليات للإنذار المبكر وحل وتجنب الصراعات. 

على الجانب الآخر، قدمت رئيسة مجلس الإدارة في العربية لحماية الطبيعة، خلال الجلسة، مداخلة وجهتها للبنك الدولي، بعد عرضه لتقريره الخاص بالأرض والذي سيصدر قريباً، قالت فيها أن كلمة الصراع لم تذكر في تحليل البنك، كما لم يتناول الحكومات خارج أطر الصراع مع أنها لاعب رئيسي فيه. وبينت أن سياسات كل المنظمات التمويلية ومنها البنك الدولي، زادت الفقر في البلدان المهمشة، وساهمت في إشعال المضاربات على الأراضي وتسليعها بدل أن تقيّم بقيمتها الإنتاجية، ونصحتهم بإعادة النظر في سياساتهم، والعمل على توجيهها نحو مجتمعات تسودها العدالة والمساواة خاصة عبر تمكين المجتمعات الريفية والزراعية.